[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بدا لباس البحر البكيني الأبيض اللون لامعا بشكل يتناقض مع جسم الفتاة الأسبانية التي غطى اللون الأسود تماما ذراعيها وساقيها ومنطقة بطنها ووجهها.
وعلى الرغم من أن الشمس كانت تلفح بأشعتها القاسية شاطئ كوستا كاليدا الأسباني المعروف بإسم " الساحل الدافيء " إلا أن اللون البادي على جسم الفتاة لم يكن صبغة سمراء بفعل أشعة الشمس ، ولكن الحقيقة هي أن هذه الفتاة جاءت مع مجموعة من صديقاتها الفتيات إلى منطقة لو باجان الواقعة على مار مينور أو" البحر الصغير " لتغطية أنفسهن بالطمي الطبي.
ويعد البحر الصغير الذي يبعد مئة كيلومتر من أليكانتي وشواطئ كوستا بلانكا بحيرة من الماء المالح رائجة لدى محبي أشعة الشمس والأسر التي تصطحب الأطفال ، كما أن هذه المنطقة تعد إحدى أكثر المناطق الأسبانية دفئا حتى في الشتاء.
ويفصل لسان من الأرض طوله نحو عشرين كيلومترا مار مينور عن البحر المتوسط ، وتعد المياه بهذه البحيرة هادئة ولا يتعدى عمقها سبعة أمتار وعادة ما تزيد درجة الحرارة فيها بخمس درجات عن مياه البحر المتوسط على الجانب الآخر من اللسان الأرضي ، وخلال فصل الصيف يكون معظم الضيوف في مجمعات الفنادق ومنتجعات العطلات حول مار مينور من الأسبان.
وتشتهر منطقة لو باجان وهي أحد أحياء سان بيدرو ديل بيناتار المطل على الناحية الشمالية للبحيرة بالخصائص الطبية والعلاجية للطمي المنتشر فيها ، فهذا الطمي مضاد للالتهابات ويستخدم لعلاج الروماتيزم والنقرس والتهاب المفاصل إلى جانب أمراض البشرة مثل حب الشباب.
وتشير العلامات الإرشادية المعلقة حول ممرات التنزه بالشاطئ إلى أن الطمي " طبقة تعمل مثل الورق النشاف وتخلص البشرة من المواد السامة ".
وتجمع الفتيات الأسبانيات الطمي الأسود داخل أواني بلاستيكية صغيرة ثم يلطخن أجسامهن بالطمي من أعلى الرأس حتى أخمص القدم ثم يدلكونه في ظهور ووجوه بعضهن البعض، ومن الواضح أنهن يلهون خلال هذه العملية ، وبعد ذلك يحين وقت السير الإجباري على طول ممشى التنزه حتى يجف الطمي بفعل أشعة الشمس، وعندما تصبح طبقة الطمي الأسود صلبة وتتحول إلى اللون الرمادي يتم إزالتها بالماء.
وقد استغل الرومان القدماء الخصائص العلاجية للطمي والمياه المالحة وتركوا آثارا في هذا المجال بالقرب من بلدة فورتيونا في إقليم مورشيا ، وكانت الينابيع الحارة هي التي جذبتهم إلى هذه البلدة. واكتشف علماء الآثار بالقرب من بلدة فورتيونا بقايا حمام روماني تتصاعد المياه الحارة من أرضه بدرجة 53 مئوية وكانت تستخدم في العلاج.
ويعد حمام بالنيريو في فورتيونا أحد أقدم الحمامات الحارة في أسبانيا وهو يستفيد من نفس الينابيع ، ويستخدم الماء بشكل معروف لعلاج متاعب الجهاز التنفسي والروماتيزم ويقال إنه يساعد أيضا على التخلص من الإجهاد العصبي.
ويستطيع الأشخاص الذين يخوضون في حوض السباحة المقام في الهواء الطلق حيث تبلغ درجة الحرارة 34 مئوية أن يتمتعوا بمنظر أشجار النخيل والمروج والجبال ، ولا يوجد ما يصرفهم عن الاسترخاء.
والاسترخاء له الأولوية القصوى في آرشينا التي تبعد بمسافة 18 كيلومترا عن فورتيونا، وفي وسط حديقة طبيعية تتمتع بالمساحات الخضراء تسمى فال دي ريكوتي يقع حمام حراري آخر فوق ينبوع كان يجتذب الأسبان منذ القرن الثامن عشر ، ويوجد فيها اليوم فندق حديث ومجمع للمياه المعدنية الصحية.
ويوجد في هذا الحمام المسمى بالنيريو دي آرشينا علاج خاص بالطمي والمياه ، ويقع السرير المستخدم في التدليك تحت مجموعة من الأدشاش التي تضخ مياه الينابيع الدافئة على جميع أجزاء جسم الشخص بإستثناء الجزء الذي يتم تدليكه في ذلك الحين، وتستخدم المدلكة الطمي النقي بدلا من الزيوت للتدليك.
وتشتهر المنطقة حول العاصمة المحلية مورشيا بأنها " حديقة الخضراوات للبلاد "، وتعد من بين أكثر الأماكن دفئا في أسبانيا، وقد ابتكر المسلمون الذين فتحوا شبه الجزيرة الإيبرية في القرن الثامن الميلادي أنظمة حاذقة للري لاستزراع السهول المتاخمة لنهر سيجورا.
ويتم اليوم ري الحقول الشاسعة والصوبات بالمنطقة عن طريق نهر تاخو بوسط أسبانيا، ويتم تصدير أكثر من نصف إنتاجه من الفاكهة والخضراوات.