ساعات قليلة ويقول القضاء المصري كلمته في قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم والتي اتهم فيها محسن السكري، ضابط أمن الدولة السابق، كقاتل وهشام طلعت مصطفى، رجل الأعمال الشهير، كمحرض خصوصا في ظل الجدل المحتدم على الساحة السياسية والإعلامية من وجود صفقة سفلية لإبعاد حبل المشنقة عن هشام طلعت والاكتفاء بتقديم السكري ككبش فداء.
فقبل فترة لم يكن هناك حديث في مصر سوى عن حكم القضاء النزيه، الذي قطع كافة الألسنة وأخرس أقوال المتفوهين حول الصفقة التي يفترض أن يصدر بمقتضاها حكم مخفف ضد هشام طلعت، محاباة لكونه مقرب من الحزب الوطني وأحد رجالته في مصر، كما يعده الكثيرون ضمن أحد أفراد "العائلة المالكة" لكبرى مشروعات الاستثمار العقاري في مصر.
فبعدما أصدر قاضي محكمة الجنايات حكما بالإعدام ضد السكري وطلعت ليضع نهاية مؤقتة لأحد أخطر القضايا التي شغلت الرأي العام طوال العام الماضي، عاد شعاع الأمل ليطل من جديد بعد قبول الطعن المقدم من هشام طلعت والذي يتوقع البعض أن يكون طوق النجاة لعتق رقبته من الإعدام.
وعلى قدر ما بدا الحكم بإعدام السكري أمرا شبه طبيعي وفي حكم البديهي لدى الكثيرين، حيث أنه معترف بالجريمة وعليه تسجيلات وأكثر من 40 حرزا يدينه في تكييف الاتهام، إلا أن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لهشام.
حيث دفع محامو طلعت بأن سلطات الإدعاء ـ سواء في دبي أو القاهرة ـ لم تقدم دليلا ماديا على تورطه في تدبير جريمة القتل، وإنما اعتمدت بشكل أساسي على اعتراف القاتل عليه والتي فسرها البعض على أنها مؤامرة دبرها رجل أعمال سعودي شهير لإزاحة منافسه الاقتصادي اللدود هشام طلعت من طريقه.
ومما زاد حدة الارتباك أيضا ما روجت له بعض الأقلام الصحفية من إمكانية تدخل مسئولين كبار بالحزب الوطني فيما يشبه بمحاولة لإنقاذ هشام طلعت، لكن على أية حال فإن الحكم بإعدام هشام أدى إلى تحليلات متناقضة، إذ اعتبر البعض أن أحد رموز الحزب الوطني الحاكم ـ الذي أبدى انزعاجه من الحكم ـ سيحاول التدخل بشكل غير مباشر لتخفيف الإعدام إلى سجن، خصوصا وأن هذه ليست المرة الأولى.
حيث يرى البعض أن هذا السيناريو قد حدث منذ فترة مع رجل الأعمال، الشهير أيضا، حسام أبو الفتوح والذي قضى فترة "شد أذن" في السجن، ثم عاد لممارسة حياته الطبيعية بعد امتداد عصا موسى له بالنجاة والتي يتوقع الكثيرون أن تمتد لخلفه هشام طلعت أيضا.
وحيث انه من الوارد أن يجري تخفيف لأحكام الإعدام عند الطعن عليه، فان أحدا لن يكون مدانا آنذاك بالتدخل في أحكام القضاء، خصوصا بعد صدور تحذيرات من تشويه صورة النظام الذي كان سيتكبد ثمنا باهظا من سمعته ومصداقيته إذا قرر التدخل بصورة فجة لإنقاذ هشام، ومن هنا يمكن، وفق ما يراه البعض، تقديم التهاني من الآن لطلعت بالإفلات من الإعدام وفي انتظار الحكم "الخفيف"، هذا إن صدر من الأساس.