كلمات رمضانية
منتقاة من كتاب (لطائف المعارف) لابن رجب الحنبلي
منتقاة من كتاب (لطائف المعارف) لابن رجب الحنبلي
• وفي التقرب إلى الله بالصيام فوائد:
منها: كسر النفس، فإن الشبع والري ومباشرة النساء تحمل النفس على الأشر والبطر والغفلة.
ومنها: تخلي القلب للفكر والذكر، فإن تناول هذه الشهوات قد تقسي القلب وتعميه، وتحول بين العبد وبين الذكر والفكر، وتستدعي الغفلة، وخلو البطن من الطعام والشراب ينور القلب ويوجب رقته ويزيل قسوته، ويخليه للذكر والفكر.
ومنها: أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه، بإقداره له على ما منعه كثيراً من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح، فإن بامتناعه من ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقة له بذلك يتذكر من منع من ذلك على الإطلاق، فيوجب له ذلك شكر نعمة الله عليه بالغنى، ويدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج ومواساته بما يمكن.
ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فتسكن بالصيام وساوس الشيطان وتنكسر سورة الشهوة والغضب، ولهذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم وِجاء، لقطعه عن شهوة النكاح.
• كان بعض الصالحين كثير التهجد والصيام، فصلى ليلة في المسجد ودعا فغلبته عيناه فرأى في منامه جماعة علم أنهم ليسوا من الآدميين، بأيديهم أطباق عليها أرغفة ببياض الثلج، فوق كل رغيف در كأمثال الرمان، فقالوا: كل، فقال: إني أريد الصوم، قالوا له: يأمرك صاحب هذا البيت أن تأكل، قال: فأكلت وجعلت آخذ ذلك الدر لأحتمله، فقالوا له: دعه نغرسه لك شجراً ينبت لك خيراً من هذا، قال: أين؟ قالوا: في دار لا تخرب، وثمر لا يتغير، وملك لا ينقطع، وثياب لا تبلى، فيها رضوى، وعينا، وقرة أعين، أزواج رضيات مرضيات راضيات، لا يغِرن ولا يُغَرن، فعليك بالانكماش فيما أنت، فإنما هي غفوة حتى ترتحل فتنزل الدار.
فما مكث بعد هذه الرؤيا إلا جمعتين حتى توفي فرآه ليلة وفاته في المنام بعض أصحابه الذين حدثهم برؤياه وهو يقول: لا تعجب من شجر غرس لي في يوم حدثتك وقد حمل، فقال له: ما حمل؟ قال: لا تسأل، لا يقدر أحد على صفته، لم يُرَ مثل الكريم إذا حل به مطيع.
• خرّج الإمام أحمد من حديث بريدة مرفوعاً (أن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب فيقول: هل تعرفني؟ أنا صاحبك الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك وكل تاجر من وراء تجارته، فيعطى المُلك والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار، ثم يقال له: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ هذّاً كان أو ترتيلاً)
• في حديث عبادة بن الصامت الطويل (إن القرآن يأتي صاحبه في القبر فيقول له: أنا الذي كنت أسهر ليلك وأظمئ نهارك وأمنعك شهوتك وسمعك وبصرك، فستجدني من الأخلاء خليل صدق، ثم يصعد فيسأل له فراشاً ودثاراً فيؤمر له بفراش من الجنة وقنديل من الجنة وياسمين من الجنة، ثم يُدفع القرآن في قبلة القبر فيوسع عليه ما شاء الله من ذلك)
• قال ابن مسعود: ينبغي لقارئ القرآن أن يُعرف بليله إذا الناس نائمون، ونهاره إذا الناس يفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون.
• قال أحمد بن الحواري: إني لأقرأ القرآن وأنظر في آية فيحير عقلي بها، وأعجب من حفاظ كتاب القرآن كيف يهنيهم النوم، وسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله، أما إنهم لو فهموا ما يتلون وعرفوا حقه، وتلذذوا به، واستحْلَوا المناجاة به لذهب عنهم النوم فرحاً بما قد رزقوا.