تزوج شاب من امرأة لا يحبها، ولا يجد في قلبه ميلًا إليها، وبعد مرور
سنوات على زواجهما، كان الحصاد أربعة من الأبناء كلهم من حفظة كتاب الله
وقد تخرجوا جميعًا من الجامعات، أما الزوجان فكانت العلاقة بينهما
قائمة بالمعروف وأداء الحقوق والواجبات، والعجيب أن هذا الزواج
استمر أكثر من ثلاثين سنة.
لقد تعجبت عند سماع هذه القصة وتساءلت كيف استمر هذا الزواج
بدون وجود الحب؟ بل الأعجب من هذا أن يكون ثمرة هذا الزواج أبناء
صالحين وناجحين وجدت الإجابة على هذه الأسئلة في القصة التالية:
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يستشيره في طلاق
امرأته, فقال له عمر: لا تفعل، فقال: ولكني لا أحبها، فقال له عمر:
ويحك ألم تبني البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية وأين التذمم؟
يقصد أن البيوت إذا عز عليها أن تبنى على الحب، فهي يمكن أن تبقى
وتستمر على ركنين آخرين هما:
الأول: الرعاية التي تكون بين الرحم والتكافل بين أهل البيت
وأداء الحقوق والواجبات.
والثاني: التذمم أي التحرج من أن يصبح الرجل مصدرًا لتفريق
الشمل وتقويض البيت وشقاء الأولاد .
لا أحد ينكر أهمية الحب في الحياة الزوجية، ولكن إذا تعذر وجود الحب
أو تغيرت القلوب بعد الزواج هل نهدم البيت؟ هل يلجأ الزوجان إلى قرار
الانفصال؟ أم يستمر الزواج لاعتبارات أخرى غير الحب؟
فليست كل البيوت تبني على الحب بل قد تستمر بالمعاشرة بالمعروف
، إذ أنه (ليس بحكيم من لا يعاشر بالمعروف من ليس من معاشرته بد).
وقد قال أحد الحكماء: "إن من أعظم البلايا معاشرة من لا يوافقك
ولا يفارقك"، وهذا المثل ينطبق تمامًا على العلاقة الزوجية، وذلك لأن
الزوجين بعد ارتباطهما يكون على كل واحد منهما أن يتقبل الآخر،
حتى وإن وجد أحدهما سلوكًا وطباعًا، لا تعجب الطرف الآخر، ولكنه
يعيش معه من باب المسامحة والتغافل، ولا يكون الحل هو الانفصال
(ولو كان هذا هو العلاج الصحيح لما بقى زوجان في بيت واحد على وجه
الأرض ونقول كما قال عمر بن الخطاب: أوكل البيوت تبني على الحب؟
فلا بد من المداراة
والمجاملة والمسامحة