عندما تدق الساعة السابعة والنصف مساءً بتوقيت القاهرة، الثامنة والنصف بتوقيت السودان، يكون العالم على موعد مع المواجهة المرتقبة والمصيرية بين منتخبي مصر والجزائر على ملعب"أم درمان" بالعاصمة السودانية الخرطوم، لحسم بطاقة التأهل عن المجموعة الثالثة، ضمن التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم القادمة التي تستضيفها جنوب أفريقيا منتصف العام المقبل.
ستكون المواجهة هي التاسعة عشرة في مقابلات المنتخبين، حيث سبق وتقابلا في 18 مناسبة كان للجزائريين النصيب الأكبر في الفوز بواقع 6 مرات، مقابل 5 مرات للمصريين، بينما سيطر التعادل على سبع مواجهات، وسجل الجزائريون 21 هدفا، مقابل 20 هدفا للمصريين.
ولن تكون المباراة محل اهتمام الشعبين في البلدين الشقيقين، بل ستكون محل اهتمام العرب جميعًا، لأن المتأهل من المنتخبين سيكون الممثل الوحيد للعرب، بعدما ذهبت آمال العرب في تواجد ثلاث منتخبات بالبطولة العالمية أدراج الرياح، إثر فقد منتخبي تونس، والبحرين البطاقة في الأمتار الأخيرة.
كما أن المباراة، والتي صنفت كأقوى مباريات الأسبوع في العالم، برغم إقامة العديد من اللقاءات المهمة في التصفيات بأوروبا وأميركا الجنوبية في ذات اليوم، محل اهتمام عالمي، لأن المباراة دخلت التاريخ من أوسع أبوابه.
فهذه هي المرة الأولى، منذ اعتمد الاتحاد الدولي لكرة القدم نظام التأهل عن طريق المجموعات في القارات المختلفة التي تتساوى فيه دولتان في كل شيء داخل المجموعة الواحدة، ليضطر الفريقان إلى الاحتكام لمباراة فاصلة.
وتساوى الفريقان في كل شيء داخل المجموعة، في عدد النقاط 13 لكل منهما، بالإضافة إلى تساويهما في عدد الأهداف المدفوعة والمقبولة، فسجل الفراعنة تسعة أهداف، وهي نفس ما سجله الخضر، كما استقبلت شباك كل منتخب خمسة أهداف.
وكان المنتخب المصري قد أجبر نظيره الجزائري على خوض مباراة فاصلة بعد التغلب عليه بهدفين السبت الماضي، في آخر جولات التصفيات، وهي المباراة التي شهدت توقف قلوب المصريين قبل أن تعيدها ضربة رأسية من عماد متعب إلى النبض مرة أخرى وإخبارهم بأن الحياة لازالت فيها بقية باقية.
وإذا كان الفريق الجزائري قد خاض مباراة السبت بأكثر من فرصة للتأهل للمونديال، فإن مباراة اليوم ستكون متكافئة بين المنتخبين، وسيخوضها كل منتخب بمنهج مختلف تمامًا عن مباراة السبت.
فالفراعنة الذين اندفعوا منذ البداية للهجوم في مباراة السبت لن يكون هذا شأنهم في مباراة اليوم، حيث سيكون التوازن هو المنهج الذي يتبعه المدرب حسن شحاته لأنه يكفيه الفوز بهدف نظيف، وعدم استقبال شباكه أية أهداف.
كما أن شحاته الذي يعتمد على جماعية الأداء المصري التي يتميز بها بطل أفريقيا، سيعول كثيرًا على أن يظهر نجومه بالمستوى اللائق وخاصة نجمه محمد أبوتريكه، ومحمد زيدان، واللذين لم يظهرا بمستواهما المعهود في مباراة السبت.
وأبدى حسن شحاته ثقته في بلوغ المونديال من الخرطوم، مشيرًا إلى أن المباراة ستقام في مصر وليس السودان، فنحن بلد واحد.
ولعل عودة وائل جمعه لقيادة دفاع الفراعنة وحسني عبدربه، لقيادة خط الوسط، يعطي أفضلية نسبية للفراعنة الذين يعتمدون في طريقة أدائهم على الأجناب عن طريق المحمدي، وأحمد فتحي من الناحية اليمني، بالإضافة إلى سيد معوض من الناحية اليسرى ، والاختراقات من الوسط اعتمادا على مهارات العديد من لاعبيه كـ ابوتريكه، ومحمد زيدان، وأحمد حسن ، وقوة عمرو زكي في الخط الأمامي.
لكن الفريق المصري وإذا كان يملك العديد من نقاط القوة، فإن أبرز سلبية يواجهها المصريون هي فشل دفاعه في التعامل مع أي كرات عرضية والتي تكون كركلات جزاء، ولولا براعة الحارس العملاق الحضري في المباراة السابقة لما وصل المصريون لتلك المباراة.
على الجانب المقابل، فإن الفريق الجزائري سيخوض اللقاء بمعنويات أقل، فالطرف الجزائري كان على بعد دقيقة واحدة للظفر ببطاقة التأهل، قبل أن يؤجل عماد متعب هذه الآمال لعدة أيام، كما أن المباراة السابقة حرمت الفريق من حارسه الوناس قاواوي، ولاعب الوسط خالد لاموشيه للإيقاف.
بيد أن الشيخ رابح سعدان ( كما يلقبه الجزائريون )، أبدى ثقة كبيرة في قدرة فريقه على رد هزيمة السبت والتأهل على حساب الفراعنة.
ويعتمد سعدان على مهارات العديد من لاعبيه الفردية أمثال كريم زياني، ومجيد بوقرة، ونذير بلحاج، بالإضافة إلى تميز الفريق بتنظيم هجمات مرتدة رائعة حقق بها الفوز في لقائي زامبيا، كما أن الفريق يمتلك مهارة استغلال الكرات الثابتة بطريقة ممتازة، فمعظم أهداف الفريق جاءت عن طريق هذا الجانب.
لكن سعدان متخوف من معاناة دفاعه من ضعف التمركز حيث يزداد ارتباك المدافعين الجزائريين كلما زاد الضغط عليهم، والدليل على ذلك الهدف الأول للمصريين في موقعة السبت الماضي، والذي أحرزه عمرو زكي من متابعة لفرصة شهدت توغل أكثر من لاعب مصري داخل منطقة الجزاء دون أي رقابة أو ضغط من مدافعي المنتخب الجزائري.
يشار إلى أن الفوز لأي من المنتخبين سيؤهل صاحبه للتأهل للمرة الثالثة في المونديل حيث تأهل المصريون في إيطاليا عام 1934، و 1990، فيما تأهل الجزائريون عامي 1982، 1986.
بقي أن نشير إلى أن المباراة سيديرها طاقم تحكيم مكون من إيدي ماييه السيشيلي، بمعاونة مواطنه جيسون دامو، والكاميروني مينا كوندي، فيما سيكون جون كلود لابروس من سيشيل حكما رابعًا.
ويعتبر ماييه من صفوة الحكام الأفارقة، ويتميز بالهدوء في الملعب وعدم التأثر بالضغط الجماهيري الذي من المتوقع أن يشهده اللقاء، وماييه من مواليد 19 أكتوبر عام 1967، أي أنه يبلغ من العمر 42 عاما، و يعد ماييه حكما دوليا من بداية عام 2001.
يشار إلى أنه في حال انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل يخوض الفريقان وقتا إضافيا مدته 30 دقيقة، وإذا بقي التعادل سيد الموقف ستكون ركلات الجزاء هي الفاصل بينهما.
يذكر أن الفرق الأفريقية التي تأهلت للمونديال هي الفرق التي احتلت المراكز من الثاني للخامس ببطولة أفريقيا الأخيرة بغانا، حيث تأهلت الكاميرون "الوصيف"، وغانا "صاحبة المركز الثالث"، وكوت ديفوار الرابعة، ونيجيريا الخامسة، أما حامل اللقب الفريق المصري، فلازال هو المتبقي، أما في حال فشله، مقابل نجاح الجزائر فإن هذا يعني انقلابا في الخريطة.
فمن سيصدح بصيحة النصر من أرض السودان، فراعنة مصر أم خضر الجزائر، هذا ما سيعلمه الجميع بعد ساعات قليلة من مساء اليوم.