يبدو أن حال المخابرات الإسرائيلية لم يتقدم كثيرا منذ وصفها عمرو موسى فى حديث له مع يديعوت أحرونوت فى فبراير 96 بقوله: «أرى أن جهاز مخابراتكم ليس على ما يرام، لقد أصابه الوهن والتعب ويحتاج لتنشيط وتجديد دمائه، إنه بوضعه الحالى يستحق الرثاء»!! وذلك ردا على اتهامات من المخابرات العسكرية الإسرائيلية تتهم موسى بأنه يعرقل السلام.
وإذا كانت المخابرات الإسرائيلية قد تلقت ضربات متتالية أفقدتها بريقها الزائف الذى روجت له تل أبيب لسنوات، منذ أن تم الكشف عن نجاح المخابرات المصرية فى زرع رفعت الجمال الشهير بـ«رأفت الهجان» فى إسرائيل منذ ما يقرب من 25 عاما، وكذلك فشل الموساد فى الحصول على معلومات تؤدى للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين فى لبنان وغزة، بل وفى معرفة مصيرهم أو تقدير حجم قوة حزب الله وحماس، فإنها تبحث على ما يبدو حاليا فى دفاترها القديمة لعلها ترفع الحالة المعنوية المتدنية، ومن هنا أثارت اللغط حول وفاة أشرف مروان وتاريخه، ثم كرمت مؤخرا مجموعة من الجواسيس والإرهابيين الذين قاموا بعمليات فى مصر خلال الخمسينيات لتشويه صورة ثورة يوليو، وأعقبت ذلك منذ أيام بإعلان صحيفة معاريف الإسرائيلية بأن مدير المخابرات الإسرائيلية الراحل صرح لأحد محرريها بأن تل أبيب نجحت فى تجنيد ضابط بالجيش المصرى مسئول عن تطوير الصواريخ فى عهد الراحل جمال عبدالناصر، ولعل التقرير يتحدث عن الضابط (ع) (الذى نمتنع عن ذكر اسمه لأن إسرائيل ألمحت فقط لشخصيته)، مستغلة فى ذلك استبعاده من المواقع القيادية بعد النكسة وإن كان الثابت تاريخيا أن الاستبعاد تم لصداقته وولائه لعبد الحكيم عامر، وليس للشك فى إخلاصه لمصر.
الأمر نفسه ينطبق على زعم إحدى المحطات التليفزيونية فى إسرائيل أن الموساد نجح فى تجنيد ممثلة مصرية شهيرة فى الستينيات والسبعينيات، وعلى واقعة أخرى دفعت «سامى شرف» مدير مكتب الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر للخروج عن صمته، ليبدد أوهام قصة إسرائيلية مفبركة نشرتها صحيفة (يديعوت أحرونوت) عن نجاح الموساد فى زرع جاسوس إسرائيلى باسم خليل صدقى رشح فى الستينيات لتولى منصب قنصل شرف بسفارة الأردن بالأرجنتين، وسفره إلى مصر بعد تسليحه بكبسولات (السيانيد) السام التى يزود بها كبار الجواسيس للتخلص من حياتهم لحظة خطر الانكشاف.
واللافت للنظر أن توقيت نشر حكاية الجاسوس الإسرائيلى (الوهمى) والمفبركة حسبما يؤكد سامى شرف، كان متزامنا مع الاحتفالات العربية باليوبيل الفضى لانتصار أكتوبر 1973، وما صاحبها من نشر قصص وبطولات عسكرية واستخباراتية، اصطادت فيها عناصر المخابرات المصرية العدو الصهيونى وجعلت منه أضحوكة.
والحكاية الوهمية للجاسوس الإسرائيلى خليل صدقى كتبها الصحفى الإسرائيلى رونى شاكد ونشرها على صفحتين فى يديعوت أحرونوت. وتزعم القصة أن الجاسوس قابل بالفعل الرئيس عبدالناصر. والتقطت لهما سويا صورة نشرتها الصحيفة، ومن يشاهد الصورة من السهل أن يلاحظ أن مسافة تفصل بين الجاسوس وعبدالناصر، فيما يدل على تركيبها.
المقابلة تمت كما تقول إسرائيل بعد أن قدمه للرئيس عبدالناصر الصاغ كمال الدين رفعت المسئول بمخابرات الرئاسة وأحد أبرز الضباط الأحرار المقربين من عبدالناصر، على أنه رجل أعمال وصناعة ناجح، ومن المهاجرين العرب فى الأرجنتين والذى قام بإنجازات باهرة هناك، وتضيف القصة الإسرائيلية فى مزاعمها أن الجاسوس واسمه الأصلى (الياهوريكا) قام بتسليم عبدالناصر شيكا محررا بالفرنسية كتبرع لصالح تسليح الجيش المصرى، وفى اليوم التالى نشرت صور اللقاء ومحتواه فى الصحافة والإذاعة المصرية، ورغم هذه المعلومات فإن كاتب القصة عاد ليقول إن تفاصيل المهمة التى قام بها الجاسوس لا تزال سرية حتى اليوم، وزعم أنها قلصت التهديد المصرى، وبالتالى تقليص التهديد العربى الشامل ضد دولة إسرائيل، وأن الجاسوس اشتكى بعد رحلته إلى مصر من أن أسلحته خلال الرحلة لم تكن كافية بالنسبة للمهمة المطلوبة.. وأنه كاد يكشف أمره عندما تقدم للحصول على تأشيرة دخول القاهرة من بيروت حيث رفض طلبه وشك أحد اللبنانيين فى أنه إسرائيلى، وكانت النتيجة هروبه الفورى من لبنان.
القصة السابقة دفعت سامى شرف وقت الحديث عنها إلى الخروج عن صمته، وتأكيده على أنها وهمية، فلم يكن هناك شخص بهذا الاسم قابل عبدالناصر.
وتفعل إسرائيل ذلك كما قلنا لتغطية خيبتها فى حرب المخابرات مع مصر، وما يؤكد خيبتها، الكشف منذ سنوات عن قصة كتاب مصرى (نشرتها «يديعوت احرونوت») قامت بإعداده المخابرات المصرية عن الجيش الإسرائيلى وضباطه قبل وخلال حرب أكتوبر.. التفاصيل بالكتاب تعكس بصدق أن الانتصار فى حرب أكتوبر جاء نتيجه للتخطيط بشكل علمى والجهود الخارقة للعقول والسواعد المصرية، فالكتاب الذى عثر الإسرائيليون على نسخة منه فى أحد المواقع المصرية فى سيناء هو كتاب ضخم مكتوب باللغه العربية تحت عنوان «شخصيات إسرائيلية» ويتضح من غلافه أنه صادر فى يناير 1973 ويحمل كلمة «سرى» قامت بإعداده المخابرات الحربية المصرية ووزعت منه 3600 نسخة للقادة من ضباط الجيش، أما محتواه فقد كان مفاجأة مذهلة للإسرائيليين، حيث احتوى على أسماء و«صور» كل الضباط الذين كانوا يخدمون بالجيش الإسرائيلى فى هذا الوقت بدءا من رئيس الأركان حتى رتبة رائد، وقد كتب بجوار كل صورة نبذات عن حياته ووظيفته وأحيانا سمات شخصية واجتماعية.
الكتاب الذى وصفته الصحيفة الإسرائيلية بأنه مذهل ويكشف معرفة المخابرات المصرية، أدق التفاصيل حتى عن الضباط الصغار ينقسم إلى قسمين، الأول عن شخصيات إسرائيلية عسكرية، والثانى عن شخصيات إسرائيلية مدنية.
ومن بين النماذج التى جاءت بالكتاب:
(فى صفحة 449) الرتبة: رائد.
الاسم: ياردينا أوشرى.
الوظيفة: مدير مكتب قائد سلاح الطيران.
تفاصيل شخصية: من أصل يمنى.
الخدمة العسكرية السابقه: عملت كموظفة فى قيادة سلاح الطيران.
أكبر وظيفة عسكرية: الخدمة فى إحدى القواعد الجوية.
الدراسات العسكرية العليا: حاصلة على دورة تدريب الضباط.
الدراسة المدنية: عملت قبل تجنيدها فى شركة تأمين.
الوصف: لون العينين أسود، وجه أسمر، شعر قصير، نشيطة، ذات
مواهب تنظيمية، ذات قدرة عالية على العمل.
(فى صفحة 113 ) الرتبة: عقيد.
الاسم: يعقوب قدمى.
الوظيفة: المدعى العام العسكرى.
تفاصيل شخصيته: ولد عام 1931 فى فلسطين، تلقى تعليمه فى تل أبيب.
الخدمة العسكرية: فى 1947 تجند فى منطقة الهجنا.
اشترك عام 1948 فى حرب فلسطين.
اجتاز فى عام 1949 عدة دورات فى سلاح المشاة، ثم المدرعات، ثم المدفعية، فى عام 1950 سُرح من الجيش ليتلقى دراسة مدنية.
أنهى عام 1954 دراسته فى الجامعة، بدأ عام 1955 فى التخصص كمحام.
عاد فى شهر أبريل 1956 للخدمة العسكرية وتم تعيينه نائبا للحاكم العسكرى، منذ نوفمبر 1967 وهو يعمل بإدارة النيابة العسكرية.
وتؤكد الخطوة السابقة أن الجيش المصرى انتصر قبل انطلاق الرصاصة الأولى عندما تفوقنا فى حرب المخابرات بشكل كاسح ومذهل، حسب اعتراف الإسرائيليين أنفسهم.
تاريخ اليهود عريق بالتجسس ويتضح ذلك من خلال كتابهم المقدس (العهد القديم) الذى جاء فيه أن موسى عليه السلام عندما أراد دخول فلسطين جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن أعدائه، فانتدب لهذه الغاية اثنى عشر رجلا للحصول على هذه المعلومات وتمكن هذا الفريق من دخول فلسطين، وجمعوا المعلومات المطلوبة، إلا أنهم ذهلوا من قوة العدو، وأذاعوا هذه المعلومات فى الجيش، مما كان له أكبر الأثر على معنويات جيش موسى عليه السلام، فلما أمرهم بالعبور إلى فلسطين أبوا وقالوا إن فيها قوما جبارين.
وعندما اعتزم يوشع بن نون خليفة موسى عليه السلام دخول فلسطين أرسل اثنين من رجال مخابراته ليتجسسا على (أريحا) فاتجه الجاسوسان إلى إحدى المواخير التى تديرها رحاب والتى تمكنت من إنقاذهما بإخفائهما فى منزلها وزودتهما بمعلومات وافية عن تحصينات مدينة أريحا مقابل منحها الأمان.
وفى خطوة استفزازية جديدة -تدل فى الواقع على الإفلاس- كرمت إسرائيل عددا من الجواسيس والمخربين الذين قاموا بعمليات ضد مصر فى الخمسينيات من القرن الماضى بعد عشرات السنوات من رفضها الاعتراف بمسئوليتها المباشرة عن تلك العمليات، هذا مع ملاحظة أن عالم الجاسوسية -الغامض بطبيعته- يرتبط مع عدد من جواسيس إسرائيل بسمات نادرة نظرا لأنهم خانوا الوطن الذى احتضنهم بكرم وجعل منهم وزراء وشخصيات ناجحة وثرية فى مجالات متعددة، كما ينفرد عدد من هؤلاء الجواسيس بأنهم عادوا لمسرح جريمتهم –مصر- بعد مبادلتهم بأسرى وعودتهم لإسرائيل، ولا تزال التطورات بشأن حقيقة كونهم ظلوا لفترة عملاء مزدوجين محل جدل، وأحدث تلك التطورات رفض محكمة إسرائيلية هذا العام دعوى قضائية يطالب فيها ابن أحد هؤلاء الجواسيس بتعويض لاتهام وسائل الإعلام له بمساعدة المقاومة الفلسطينية منذ عام 2002، ناهيك عن تسجيل هؤلاء الجواسيس لمشاعرهم وهم يعودون فى عصر السلام لكى يلتقوا بمن قاموا بالتحقيق معهم وتعذيبهم حسبما يدعون، وهو ما يكتسب أهمية خاصة نظرا لأن إسرائيل ظلت لعشرات السنوات تنكر صلتها بهؤلاء الجواسيس المخربين ثم عادت مؤخرا وكرمت عددا منهم فى إسرائيل فى استفزاز جديد لمصر.
ومن القصص التى تدل على صرامة المخابرات المصرية فى مواجهة من يحاولون لعب دور العميل المزدوج، ونجاحها حتى فى تجنيد أفراد عائلته ضده، قصة تصدى أجهزة الأمن المصرية مرتين لجاسوس إسرائيلى يدعى «مردخاى لوك» وهو الذى اشتهر بلقب «جاسوس الشنطة» حيث تجسس لصالح مصر لفترة طويلة، ثم تم اكتشافه فى روما قبل أن يتم اتخاذ قرار بتهريبه بالبريد الدبلوماسى للقاهرة، بعد 33 سنة من هروبه عبر الحدود مع مصر.. وبعد 30 سنة من اكتشافه فى روما وسجنه فى إسرائيل.. عاد للقاهرة لأول مرة يحاول أن يبحث عمن جندوه.. بداية القصة المثيرة كما رواها مردخاى نفسه كانت فى 11 يونيو 1961، حينما عبر مردخاى لوك الحدود المصرية الإسرائيلية وهو واثق من أنه لن يحدث له أى مكروه، على الرغم من حالة الحرب المعلنة بين الجانبين! وكان متأكدا من أنه سيجد طريقه بسرعة لأوروبا.. (وقتها كان عمره آنذاك 28 عاما وكان متزوجا ولديه أطفال) وكان يعمل نجارا، وهو يدعى الآن أنه كان قد مل الحياة فى إسرائيل وأنه اقتنع بما كانت تعلنه مصر عن أن من يعبر الحدود من الجانب الإسرائيلى من حقه الذهاب لأى دولة ثالثة إن أراد وبالطبع بعد أن يبدى «تعاونه» مع مضيفيه.
المصريون التقطوه بعد 100 متر من مدينة غزة واقتادوه فى عربة جيب للسجن بالقاهرة، وهو يدعى الآن أنه عذب لسنة ونصف وأنه حاول مرتين الانتحار، لكن الثابت أنه شارك فى برامج دعائية موجهة ضد إسرائيل بثتها محطة «قول قاهير» (الإذاعية المصرية الموجهة ضد إسرائيل باللغة العبرية). بعد ذلك بدأت عملية تدريبه لتجهيزه للعمل لصالح مصر ضد إسرائيل من خلال مكتب تجارى له بإيطاليا يقوم تحت ستاره بشراء المعلومات التى تتعلق بإسرائيل وتجميعها وإرسالها لمصر وبعد أن استمر فترة على هذا المنوال حاول الموساد أن يجنده ليعمل لصالحه فقررت أجهزة الأمن المصرية ترحيله لمصر سرا، حيث تم إبلاغه بضرورة الحضور لأحد المقاهى والذى فيه تم تخديره واختطافه -حسب روايته- لمقر السفارة، وتم وضعه فى حقيبة ذات تجهيز خاص يسمح بالتهوية لمن فى داخلها، كذلك تم ختمها بخاتم «بريد دبلوماسى»، وكان من المقرر أن تصعد الحقيبة وفيها الجاسوس للطائرة المتجهة من روما إلى القاهرة، لكن الطائرة تأخرت عن موعد إقلاعها فتحرك الجاسوس وبدأ ينادى على من بالخارج باللغة الإيطالية، أحد رجال الجمارك لاحظ حركة وصوتا مريبا داخل الحقيبة فقرر تفتيشها وبعد مناورة أخيرة من مصريين كانوا يراقبون الحقيبة (حاولوا إقناع رجال الجمارك بأن الحقيبة بها آلات موسيقية تصدر أصواتا بسبب مرور الهواء فى فتحاتها كما سارعوا بالخروج من المطار بالحقيبة إلا أن الشرطة استوقفتهم)، الأمر الذى أثار أزمة دبلوماسية كبيرة آنذاك مع إيطاليا، وأمام محققين إسرائيليين لم يستطع الإنكار، واعترف بتجسسه لصالح مصر، بعد ذلك استدرجه الموساد لإسرائيل حيث أوهموه بأنه لن ينال أية عقوبة، ولكن ما حدث أنه حكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما، لاعترافه بالتجسس لصالح مصر مقابل 100 دولار شهريا، أما مصر فقد خرجت من المأزق بالإعلان بأن الحقيبة لا تخص السفارة وأن الحقائب تم تبديلها.
فى ديسمبر 1994 عاد لمصر جاسوس الشنطة حسبما أطلقت عليه وسائل الإعلام العالمية- تحت ستار السياحة، طوال الرحلة الجوية من مطار بن جوريون لمطار القاهرة كان مردخاى لوك يتصبب عرقا.. رحلته كادت أن تنتهى قبل أن تبدأ عندما توجهت عناصر أجهزة الأمن لطائرته ودخلتها واتجهت صوبه، لكنها ألقت القبض على شخص آخر مطلوب القبض عليه.
كان بصحبة مردخاى صحفى إسرائيلى جاء لتصوير المناطق الفقيرة وأتوبيسات النقل العام المزدحمة، بالإضافة للسجن الحربى لنشرها مع مقال عن رحلة الجاسوس السابق.
خلال قيامهما بالتصوير تجمع عدد كبير من المارة حولهما، وكاد الموقف أن يتطور لولا تدخل السائق المصرى «شعبان» الذى كان يرافقهما، السائق توقف عن تبادل الحديث معهما بعد هذا الموقف، وفى اليوم التالى جاء السائق وقال للإسرائيليين: إنه لا يوافق إطلاقا على الاستمرار معهما حتى ولو مقابل 100 دولار يوميا لو لم يتوقفوا عن تصوير لقطات تسىء لمصر وتمس كبرياءه. وقال لهما أيضا إنه لن يستمر معهما إذا لم يعرف فورا وبالتفصيل ماذا يفعلان فى مصر.
وانتهى الموقف الذى يعبر عن فطنة وذكاء وحسن تصرف شعبان.. ربما بسبب توعية أجهزة الإعلام المستمرة فى هذا المجال، فقد ادعى الإسرائيليان أنهما عضوا طاقم برنامج يصور عادات شعوب العالم المختلفة، وبعد أن أخذ مردخاى فى الحديث إلى السائق باستفاضة عن رحلته، ووعد السائق -الذى أجبرهما على احترام البلد وشعبه -بأن يتوقفوا عن تصوير أماكن تسىء لسمعة مصر ..وبالفعل ألغى مردخاى عددا من اللقطات التى كان ينتوى تصويرها أمام السجن الحربى، والذى يدعى أنه سجن فيه، وفى اليوم التالى لم يحضر السائق، وكما ظهر فجأة اختفى فجأة، وكأن أجهزة الأمن أرادت أن تبلغ الجاسوس رسالة محددة مفادها «إنك تحت أعيننا من البداية ولا تحاول أن تقوم بتجاوز حدود السياحة».. ففى نفس اليوم دخل حجرته شخص ضخم الجثة بعد أن فتح باب غرفته بمفتاح مصطنع وادعى أنه من موظفى الفندق، وخرج بعد أن أسقط فى يد مردخاى وارتعدت فرائصه، بعد ذلك حضر أربعة أفراد للفندق وسأل أحدهم الجاسوس فى صرامة عن سبب عدم مبيته فى غرفته فى الليلة الماضية، فأجاب بارتباك بعد أن أدرك تمام الإدراك أن كل تحركاته تحت المراقبة الدقيقة بأنه فضل قضاء الليلة فى الحجرة المجاورة مع زميله بجوار التليفزيون.. أحد من كانوا مع من وجّه السؤال عرض على الجاسوس توصيله بتاكسى، فى النهاية وصلت الرسالة لجاسوس الشنطة الذى حاول تجاوز حدود السياحة فترصدته أجهزة الأمن.. وكشفه سائق التاكسى.. وطارده أولاد البلد ففشلت مهمته الغامضة فى القاهرة.
ومع هذا ظل الجاسوس وحقيقة مواقفه محل جدل حيث اتهمت وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخرا ابنه «إيلى» بأنه يساعد المقاومة الفلسطينية على تنفيذ علميات مسلحة بالتجسس لصالحها ومنح عناصرها بطاقات هوية مزورة تسهل دخولهم المدن الإسرائيلية، وعندما رفع دعوى قضائية ضد وسائل الإعلام التى بثت التقارير فى هذا الصدد وعلى رأسها القناة الأولى بالتليفزيون الإسرائيلى رفضت المحكمة فى 4 مارس 2008 دعوته بالتعويض، وألزمته بمصروفات الدعوى والبالغ إجمالها 6500 شيكل.